مخاوف ازمة المصارف تعود الى الافق
جوترند- عاد مشهد الاضطرابات المصرفية الذي خيم على الأسواق المالية العالمية قبل عدة أشهر من جديد، وذلك بعد أن خفضت وكالة "موديز" تصنيف 10 مصارف أميركية متوسطة الحجم ووضعها 6 مصارف أميركية كبيرة قيد المراجعة لخفض محتمل.
وفي الوقت نفسه، وجهت إيطاليا ضربة مفاجئة لمصارفها وأحدثت صدمة في جميع أنحاء القطاع في أوروبا بعد فرضها ضريبة لمرة واحدة بنسبة 40 في المائة على الأرباح التي تجنيها المصارف من ارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما أثار قلق المستثمرين من أن تحذو دول أخرى حذوها.
تخفيض موديز.. أزمة مصرفية جديد؟
خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لعدد من البنوك الأميركية الصغيرة والمتوسطة الحجم، وقالت إنها قد تخفض تصنيف بعض من أكبر البنوك الأخرى في البلاد.
ونبهت الوكالة إلى أن مخاطر التمويل وضعف الربحية سيختبران على الأرجح القوة الائتمانية للقطاع المصرفي.
وخفضت موديز تصنيف عشرة بنوك درجة واحدة ووضعت ستة بنوك عملاقة، منها بنك أوف نيويورك (NYSE:BK) ميلون ويو.أس بانكورب وستيت ستريت وترويست فايننشال، قيد المراجعة لاحتمال خفض تصنيفها.
وقالت موديز في مذكرة "أظهرت نتائج العديد من البنوك في الربع الثاني ضغوطا متزايدة على الربحية ستقلل من قدرتها على توليد رأس المال الداخلي".
الضغوط لم تنته
قالت آنا أرسوف العضو المنتدب للمؤسسات المالية بموديز في مقابلة مع رويترز "ما نفعله هنا هو أننا نقر بوجود بعض الرياح المعاكسة... لا نقول إن النظام المصرفي يعاني من خلل".
وقالت جيل سيتينا العضو المنتدب المشارك في موديز "نشعر بأن الضغط الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية بوجه عام على وشك التراجع".
وأثار انهيار بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر في وقت سابق من هذا العام أزمة ثقة في القطاع المصرفي الأميركي، مما أدى إلى تهافت على سحب الودائع في مجموعة من البنوك الإقليمية على الرغم من اتخاذ السلطات تدابير طارئة لتعزيز الثقة.
وقال طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية: "إن القطاع المصرفي في الولايات المتحدة وخاصة البنوك الصغيرة والمتوسطة لم تتعاف من أزمة انهيار "سيليكون فالي" والتي أثّرت على رؤية المتعاملين للبنوك الإقليمية".
وأضاف الرفاعي: "أن تخفيض موديز اليوم لتصنيفات 10 بنوك أميركية يعطي مؤشراً على أن الأزمة لم تنته بعد". حيث أرجع سبب تخفيض التصنيف لتلك البنوك بعد نتائج أعمالها للنصف الأول من العام إلى الانكشافات التي أظهرتها البيانات المالية لتلك البنوك على السوق العقاري سواءً الاستثماري أو التجاري، وما تمثله من عوامل ترفع المخاطر.
أسهم البنوك تسقط
وأغلقت بورصة وول ستريت على انخفاض، أمس الثلاثاء، وسط عمليات بيع واسعة النطاق بعد أن جدد خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني لعدد من البنوك الأمريكية المخاوف إزاء سلامة القطاع المصرفي وأكبر اقتصاد في العالم.
وتراجعت أسهم البنوك على نطاق واسع، بعد أن خفضت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس"، التصنيفات الائتمانية لعشرة بنوك أمريكية صغيرة ومتوسطة الحجم، وذكرت أنها قد تخفض تصنيف البنوك الكبرى، بما في ذلك بانكورب الأمريكي، ونيويورك ميلون كورب، وستيت ستريت كورب، وتروست فاينانشيال كورب؛ كجزء من نظرة شاملة على الضغوط التي يمر بها القطاع.
ومن بين الشركات التي تم تخفيض تصنيفاتها: "إم تي بنك"، "ويبستر"، "بي أو كيه فاينانشيال"، "أولد ناشيونال بانكورب"، "بيناكل فاينانشيال بارتنرز"، و"فولتون فاينانشيال". ويخضع كل من "نورثن ترست" و"كولين / فروست بانكرز" للمراجعة لخفض التصنيف.
كما اعتمدت "موديز" نظرة مستقبلية "سلبية" لـ11 مصرفاً، بينها "بي إن سي فاينانشيال سيرفيسيز غروب"، و"كابيتال ون فاينانشيال"، و"سيتيزنس فاينانشيال سيرفيسز " (PNC Financial Services Group Inc (BVMF:PNCS34))، و"فيفث ثيرد بانكورب (NASDAQ:FITB)" (Fifth Third Bancorp)، و"ريجونز فاينانشال كورب (NYSE:RF))"، و"ألاي فاينانشيال" (Ally Financial Inc (NYSE:ALLY))، و"بنك أو زد كيه" (Bank Ozk (NASDAQ:OZK)) و"هنتنغتون بانكشيرز".
وجرى تداول "جولدمان ساكس (NYSE:GS)" و"جيه بي مورجان تشيس" على انخفاض بأكثر من 2% خلال التداولات. وانخفض مؤشر البنوك، الذي يتتبع مجموعة من البنوك الأصغر، بنسبة 4% تقريباً. وانخفض سهم "إم آند تي بنك" أيضاً بنسبة 3%.
وفي نهاية التداولات، تراجع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.45% أو 158 نقطة إلى 35314 نقطة، بعد أن سجل أمس أفضل أداء يومي له منذ 15 يونيو.
وانخفض"S&P 500" بنحو 0.4% أو 19 نقطة عند 4499 نقطة، وسجل مؤشر "ناسداك" تراجعًا بنحو 0.8% أو 110 نقاط عند 13884 نقطة.
صدمة في أوروبا
قال نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني في مؤتمر صحفي يوم الاثنين إن ضريبة 40% على أرباح البنوك الإضافية الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة، والتي تصل إلى عدة مليارات من اليورو، ستستخدم لخفض الضرائب وتقديم الدعم المالي لأصحاب الرهن العقاري.
وكتب محللو "سيتي غروب" في مذكرة، بحسب "بلومبرغ": "هذه الضريبة تعتبر سلبية إلى حد كبير بالنسبة للبنوك بالنظر إلى التأثير على رأس المال والأرباح وكذلك على تكلفة حقوق الملكية لأسهم البنوك."
ويقدر المحللون أن الضريبة تعادل حوالي 19% من صافي دخل البنوك في عام 2023، وحوالي 3% من قيمتها الدفترية الملموسة لعام 2023 وحوالي 0.5% على الأصول المرجحة بالمخاطر لعام 2023.
وقال محللو "بلومبيرغ إنتليجنس" إن صافي دخل المقرضين الإيطاليين لعام 2023 يمكن أن ينخفض بنحو 10%.
بينما قال المحلل الإستراتيجي للأسهم في بنك "جوليوس باير"، ليوناردو بيلانديني: "تزن الشركات المالية أكثر من 30% في سوق الأسهم الإيطالية، مما يجعلها عرضة للضريبة التي تمت الموافقة عليها حديثًا. مع هذا، مرت البنوك بعام قوي حتى الآن بالنظر إلى زيادة هوامش الفائدة الصافية من معدلات أعلى".
وتعد خطة الضرائب الإيطالية بمثابة رياح معاكسة جديدة للأسهم الأوروبية التي عانت الأسبوع الماضي من أول موجة من التقلبات منذ فترة طويلة، وسط تكهنات بشأن زيادة أسعار الفائدة والتأثير المحتمل على النمو الاقتصادي.