ثلثا الشباب العربي يرون ان المنطقة ستواجه صراعا عسكريا وان تركيا حليف حقيقي
حوالي ثلثي الشباب العربي يرون أن التوترات بين إيران وإسرائيل والغرب ستفضي إلى صراع العسكري
•ثلثا الشباب العربي يستبعد حلّ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي قريباً، بينما يقول 4 من أصل 10 (39%) إن هذه القضية لا تحظى بالاهتمام اللازم من العالم العربي
•انعكاساً للولاءات الجيوسياسية المتغيرة، يقول الشباب العربي إن تركيا والصين هما أبرز الحلفاء غير العرب لبلدانهم وإن الولايات المتحدة لا تزال تهيمن على شؤون المنطقة
•معظم الشباب العربي يعارضون تطبيع العلاقات مع إسرائيل لكن الغالبية في الإمارات ومصر والمغرب تؤيد تعزيز العلاقات الدبلوماسية معها
جوترند - كشف استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي الخامس عشر لرأي الشباب العربي، والذي أصدرته اليوم "أصداء بي سي دبليو" - شركة استشارات التواصل الاستراتيجي والعلاقات العامة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – أن حوالي ثلثي (60٪) الشباب العربي يرون أن العلاقات بين إيران وإسرائيل والغرب ستتدهور وتؤدي إلى صراع عسكري في نهاية المطاف. وفيما تنبأ الكثيرون أن تصبح الحكومة الإيرانية أكثر استبداداً في المستقبل، توقع ثلث المشاركين تقريباً أن تشهد البلاد المزيد من الاضطرابات المدنية أو حتى انقلاباً.
وتسلط نتائج استطلاع هذا العام الضوء على التحولات الجيوسياسية في العالم العربي، حيث يعتبر الشباب العربي في المنطقة تركيا والصين حليفين حقيقين لبلدانهم أكثر من الحلفاء التقليديين مثل الولايات المتحدة وروسيا.
يعد هذا الاستطلاع المسح الأشمل من نوعه للشريحة السكانية الأكبر في المنطقة والتي تضم أكثر من 200 مليون شاب وشابة. ويكشف في موضوعه الرئيسي هذا العام "واقع جديد ونظرة متغيرة" لدى الشبان والشابات العرب.
تم إجراء هذا الاستطلاع خلال الفترة الممتدة من 27 مارس – 12 أبريل 2023، وتضمن 3,600 مقابلة شخصية أجراها محاورون متمرسون من شركة سيكث فاكتور الاستشارية مع شبان وشابات عرب تراوحت أعمارهم بين 18- 24 عاماً. وتوزعت عينة المشاركين، وهي الأكبر في تاريخ الاستطلاع، بالتساوي بين الجنسين في 53 مدينة ضمن 18 دولة عربية بما فيها جنوب السودان للمرة الأولى. وأجريت المقابلات بشكل شخصي وليس إلكتروني لضمان دقة البحث وتوضيح الفروق الدقيقة قدر الإمكان في آراء الشباب العربي عبر جميع أنحاء المنطقة.
الشباب العربي يستبعد حلّ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي المستمر منذ 75 عاماً قريباً
يشعر الشباب العربي بالتشاؤم إزاء إمكانية تحقيق السلام في فلسطين، حيث يستبعد معظمهم حلّ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي المستمر منذ 75 عاماً خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وعلى الرغم من أن غالبية الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي (60%) رجحوا احتمال التوصل إلى حلّ إيجابي، قال أكثر من الثلثين (69%) في دول شرق المتوسط وأكثر من النصف (57%) في دول شمال أفريقيا إنه "من المستبعد جداً" أو "من المستبعد إلى حدٍ ما" أن يتم حلّ الصراع قريباً. علاوة على ذلك، يعتقد حوالي 4 من أصل 10 (39%) من الشباب العربي أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لا يحظى بالاهتمام الكافي من العالم العربي في ظل الأولويات الوطنية الناشئة، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من النصف (51%) في منطقة شرق المتوسط التي تشمل فلسطين.
اختلاف الآراء بشأن العلاقات مع إسرائيل
يعارض معظم الشباب العربي تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن الغالبية في دولة الإمارات ومصر والمغرب تؤيد تعزيز العلاقات الدبلوماسية معها.
ولدى سؤال الشباب العربي عما إذا كانوا يؤيدون أو سيؤيدون قرار حكوماتهم بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أيد ثلاثة أرباع (75%) الشباب الإماراتيين قرار دولتهم بتوقيع اتفاقات أبرهام لتطبيع العلاقات. وأيد ذلك أيضاً ثلث الشباب العربي في البحرين التي كانت أول الدول الموقعة على الاتفاقات.
ومع أن اتفاقات أبراهام تشير إلى تحسن العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، إلا أن 86% من الشباب العربي يقولون إنهم ينظرون إلى إسرائيل على أنها "عدو حقيقي أو عدو إلى حد ما"، بينما يقول 57% الشيء ذاته عن إيران.
التحولات الجيوسياسية
من بين الدول غير العربية، ووصف 82% من الشباب العربي تركيا بأنها "حليف حقيقي" أو "حليف إلى حد ما" لبلدانهم، تليها الصين (80%) ومن ثم المملكة المتحدة (79%) وألمانيا (78%) وفرنسا (74%). واحتلت الولايات المتحدة المرتبة السابعة بنسبة 72% من الأصوات بعد الهند التي حققت نسبة 73%.
ومع ذلك، لا يزال أكثر من نصف الشباب العربي الذين شملهم الاستطلاع ينظرون إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أنهما "حليف حقيقي" لبلادهم، حيث قال ثلثاهم (66%) إن الولايات المتحدة ستكون حليفاً حقيقياً لبلادهم أكثر من روسيا أو الصين على مدار الأعوام الخمسة المقبلة. أما روسيا، التي اختيرت كواحدة من أبرز ثلاثة حلفاء في استطلاع العام الماضي، فباتت تحتل الآن المرتبة التاسعة بين الحلفاء بتصويت 63% من المشاركين في الاستطلاع (بعد باكستان - 69%).
وفي الوقت ذاته، يقول ثلث الشباب العربي (33%) إن الولايات المتحدة لا تزال صاحبة التأثير الأكبر في العالم العربي؛ تليها الإمارات العربية المتحدة (11%)، والمملكة العربية السعودية وإسرائيل (10%)، وروسيا (8%)، بينما يقول 3% فقط أن تركيا هي صاحبة التأثير الأكبر، و4% ذكروا الصين.
رغم كل شيء، يعارض معظم الشباب العربي تدخل الولايات المتحدة في شؤون الشرق الأوسط، حيث يقول حوالي ثلثي المشاركين من دول مجلس التعاون الخليجي وشمال أفريقيا ودول شرق المتوسط إنهم يؤيدون "بقوة" أو "إلى حد ما" فك ارتباط الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط.
الآراء حول البلدان المثالية
للعام الثاني عشر على التوالي منذ أن طُلب منهم تسمية البلدان التي يعتبرونها "مثالية"، كشفت نتائج الاستطلاع أن الشباب العربي يعتبرون الإمارات العربية المتحدة الدولة المفضلة للعيش والتي يريدون لبلدانهم أن تقتدي بها. واحتلت الولايات المتحدة وكندا المرتبتين الثانية والثالثة للعام الثالث على التوالي.
ومن اللافت أن ثلاثاً من دول مجلس التعاون الخليجي - الإمارات والسعودية وقطر - تظهر في قائمة الدول الخمس المثالية الأوائل للمرة الأولى منذ تسعة أعوام. ويقول الشباب والشابات العرب إنهم يفضلون حالياً
العيش في قطر أكثر من المملكة المتحدة، بينما تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الخامسة مع المملكة المتحدة في قائمة الدول التي يريد الشباب العربي لبلدانهم أن تقتدي بها.
وكشفت نتائج الاستطلاع أن واحداً تقريباً من كل 4 شباب عرب (24%) يعتبرون الإمارات العربية المتحدة الدولة المفضلة للعيش فيها، تليها الولايات المتحدة (19%)، وكندا (19%)، وقطر (14%)، والمملكة المتحدة (13%). وبقيت دولة الإمارات البلد المفضل الذي يريد معظم الشباب العربي لبلدانهم أن تقتدي به للعام الثاني عشر على التوالي. وأجمع على هذا الرأي 22٪ من الشبان والشابات العرب عموماً لتتقدم دولة الإمارات بذلك على الولايات المتحدة (19٪)، وكندا (16٪)، وقطر (15٪)؛ بينما حلت المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة معاً في المركز الخامس (11٪).
وأسوةً بالاستطلاعات السابقة، يعود اختيار دولة الإمارات بلداً مفضلاً للعيش إلى أسباب عدة: هي البيئة الآمنة (41٪)، والاقتصاد المتنامي (28٪)، والقيادة الحكيمة ذات الرؤية الثاقبة (24٪)، والبيئة النظيفة (22٪)، وسهولة بدء الأعمال (20%).
وفي إطار تعليقه على نتائج الاستطلاع، قال سونيل جون، رئيس شركة "بي سي دبليو" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومؤسس "أصداء بي سي دبليو"، والذي قاد الاستطلاع على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية: "أثبت استطلاع بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي أهميته كمصدر معلومات مهم لصناع القرار والمسؤولين في الحكومات والشركات لاكتساب فهم أفضل حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة لا تزال تشكل لغزاً بالنسبة للكثيرين رغم أنها تحظى بتأثير متزايد في الشؤون العالمية. ومرة أخرى، يسلط الاستطلاع الضوء على التحولات الجيوسياسية المتغيرة في العالم العربي".
وأضاف جون قائلاً: "مع أن العديد من الصراعات القائمة في المنطقة، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن، آخذة في الانحسار؛ إلّا أن النزاع الأطول أمداً – وهو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي – لا يزال يسير في طريق مسدود. وتفاقم الأمر أكثر مع تدخل إيران في المنطقة، واندلاع الاضطرابات الأهلية الأخيرة في السودان. غير أن التهدئة الشاملة للصراعات تشير حقيقةً إلى أن دول الشرق الأوسط قادرة على حل خلافاتها من خلال الحوار. وهذا يساعد بطبيعة الحال على إطلاق الإمكانات الحقيقية للمنطقة بما تشكله من كتلة اقتصادية قوية تضم أكثر من 400 مليون نسمة".
وستنشر الشركة خلال الأسابيع المقبلة نتائج الاستطلاع المتعلقة بالمواضيع الخمسة الأخرى التي يغطيها الاستطلاع، وهي: ’توجهاتي‘ الذي يرصد آراء الشباب العربي بأداء حكوماتهم؛ و’سبل معيشتي‘ الذي يستطلع آراءهم حول التعليم والوظائف ووضعهم المالي؛ و’هويتي‘ الذي يغطي مواقف الشباب تجاه الدين والهوية الشخصية؛ و’طموحاتي المستقبلية‘ الذي يعكس آمال الشباب العربي المستقبلية؛ و’نمط حياتي‘ الذي يسلط الضوء على عاداتهم، ووسائلهم للتسلية، ووسائل الإعلام التي يتابعونها.
وسيتم الكشف لاحقاً عن النتائج المتعلقة بالتغير المناخي، والصحة النفسية، وحقوق الجنسين؛ مما يجعل استطلاع هذا العام الأكثر شمولاً في تاريخ المسح. وتندرج هذه النتائج جميعها تحت موضوع "واقع جديد ونظرة متغيرة" الذي اعتمدته "أصداء بي سي دبليو" عنواناً رئيسياً للنسخة الخامسة عشرة من استطلاعها.