مسارات العدوان على غزة تنشر القلق بالأسواق.. وحرب واسعة تلوح بالأفق؟

{title}
مسارات الحرب في غزة تنشر القلق بالأسواق.. حرب شرق أوسطية واسعة تلوح بالأفق؟
جوترند- ألقى التصاعد العسكري في الشرق الأوسط بظلال من القلق على الاقتصاد العالمي ويزيد من توتر المستثمرين بشأن السياسات النقدية.

والخطر حقيقي هو أن إسرائيل تستعد لعملية عسكرية برية رداً على الهجوم الذي شنته حماس الأسبوع الماضي. حيث إن عدد القتلى من هجوم حماس والغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على غزة يصل بالفعل إلى الآلاف. وهناك مخاوف من أن الحركات المسلحة في لبنان وسوريا التي تدعم حماس سوف تنضم إلى القتال.

وأي تصعيد أكثر حدة قد يدفع إسرائيل إلى صراع مباشر مع إيران، التي تزود حماس بالسلاح والمال. وفي هذا السيناريو، تشير تقديرات بلومبرج إيكونوميكس إلى أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 150 دولارًا للبرميل، وينخفض النمو العالمي إلى 1.7%، وهو الركود الذي يقتطع حوالي تريليون دولار من الناتج العالمي.

وأشار استراتيجي الأسعار العالمية في "كولومبيا ثريدنيدل"، إد الحسيني، إلى أن التدهور الشامل للبيئة الاقتصادية والتقلبات الحادة في أسعار الفائدة قد يؤديان إلى زيادة التقلبات العالمية.

هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة يُنظر إليها فيما يتعلق بتأثير الصراعات الحالية على الاقتصاد العالمي، وهي تلك التي يتتبعها المستثمرون عن كثب لفهم مستقبل الأسواق العالمية والتوجهات المالية.

وأضاف أن المستثمرين العالميين يراقبون عن كثب ما إذا كانت الحرب بين إسرائيل وحماس ستمتد إلى بقية المنطقة، ولكن، في الوقت الحالي، يظل المستثمرون أكثر تركيزا فيما يتعلق بقرارات بنك الفيدرالي الأمريكي المتعلقة بالفائدة.

السيناريو الأول
السيناريو الأول يتوقع بقاء الصراع محصوراً داخل قطاع غزة دون توسعه خارج الأراضي الفلسطينية، كما حدث في عام 2014. في ذلك الوقت، قامت إسرائيل بعملية عسكرية برية داخل غزة، مما أسفر عن خسائر بشرية كبيرة. ولكن لم يكن له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي أو أسواق النفط.

إذا ما فُرضت عقوبات من قبل الولايات المتحدة على إيران دون تصاعد إلى حد الحرب الرسمية، يمكن أن يرتفع سعر النفط بين 3 و 4 دولارات. وهذا يعتمد على إمكانية تأثر إنتاج النفط الإيراني بعد فقدانه لحوالي 700 ألف برميل يومياً هذا العام.

وفقًا لتحليل "بلومبرغ"، من المتوقع أن يكون تأثير هذا السيناريو على الاقتصاد العالمي محدودًا، خاصة إذا اتخذت دول أخرى في "أوبك" إجراءات لتعويض الكميات النفطية التي تفقد إيران.

السيناريو الثاني
أما في حال توسع الصراع ليشمل لبنان وسوريا، فإن ذلك يزيد من احتمالية نشوب صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، مما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع التكاليف الاقتصادية.

وقفز سعر النفط الخام بمقدار 5 دولارات للبرميل خلال الحرب ما بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006. علاوة على الصدمة الناجمة عن سيناريو الحرب، فإن أي تحرك مماثل اليوم من شأنه أن يرفع السعر بنسبة 10% إلى نحو 94 دولارا.

تتمثل التأثيرات الاقتصادية العالمية في هذا السيناريو في زيادة أسعار النفط بنسبة 10%، وتأثر الأسواق المالية في وقت تزايد المخاطر التي تشبه ما حدث خلال الربيع العربي. كما يتوقع التقرير حدوث احتجاجات مماثلة لتلك التي شهدتها العالم خلال الربيع العربي إذا ما تفاقمت الحرب.

ومن الممكن أن تؤدي هذه الأحداث إلى زيادة معدل تقلبات الأسواق، والذي يُقاس بمؤشر "VIX". كما يمكن أن يقلل هذا السيناريو من معدل النمو الاقتصادي العالمي في العام المقبل بمقدار 0.3 نقطة مئوية، أي حوالي 300 مليار دولار، وهو ما يمكن أن يسفر عن تباطؤ النمو إلى 2.4%. وباستثناء أزمة كوفيد-19 في عام 2020 والركود العالمي في عام 2009، سيكون هذا هو أضعف أداء منذ ثلاثين عاماً.

كما يمكن أن يسهم ارتفاع أسعار النفط في زيادة معدل التضخم العالمي بنحو 0.2 نقطة مئوية، مما يبقيه عند مستويات قرابة 6%، مما يفرض ضغوطاً على البنوك المركزية للحفاظ على سياستها النقدية مشددة حتى في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي.

السيناريو الثالث
السيناريو الثالث والأكثر خطورة، هو وجود حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران. حيث يمكن أن تشهد الأسواق ارتفاعًا في أسعار النفط وتراجعًا في الأصول الخطرة، مما يلحق ضربة بالنمو الاقتصادي العالمي ويؤدي إلى ارتفاع التضخم.

على الرغم من أن سعر النفط الخام قد لا يرتفع بمعدلات تاريخية كما حدث في عام 1973 خلال حرب النفط، وإذا اتسعت رقعة الصراع بين إسرائيل وإيران لتشمل ضربات صاروخية، فقد يرتفع سعر النفط بشكل كبير. وقد يصل الارتفاع إلى 150 دولارًا للبرميل.

قد لا تكون الطاقة الإنتاجية الفائضة في دول "أوبك"، بما في ذلك السعودية والإمارات، كافية لمواجهة هذا الوضع، خاصة إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله خمس إمدادات يومية من النفط للعالم. وستشهد الأسواق المالية زيادة في نسبة الخروج من الأصول عالية المخاطر، مما قد يقارن بما حدث في عام 1990 مع ارتفاع مؤشر "VIX" إلى 16 نقطة.

جوترند- من المتوقع أن يؤدي هذا السيناريو إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي بنقطة مئوية واحدة، مما يجعله 1.7% لعام 2024. وباستثناء أزمة كوفيد والأزمة المالية العالمية، سيكون هذا الأدنى منذ عام 1982، حينما ارتفعت أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي لمواجهة التضخم الناتج عن الأزمة النفطية في السبعينيات.

سيؤدي هذا الانخراط النفطي الكبير إلى تعقيد الجهود العالمية لتحقيق استقرار الأسعار، مما سيبقي معدلات التضخم عالية عند 6.7% في العام المقبل. وفي الولايات المتحدة، سيظل هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2% بعيد المنال، وستكون أسعار البنزين المرتفعة عائقا أمام حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن.