"العطارات" من يقف خلف الصفقة “الفضيحة”؟
"العطارات”.. للتعريف بها، هي صفقة اقتصادية فاشلة بين الصين والاردن تقوم بموجبها الصين بتوليد الكهرباء من الصخر الزيتي، وهو الأعلى كلفة عالميا، ولا يجدي نفعا ولا مصلحة مطلقا.. وعلى الرغم من ان الصين قد وجهت نصائح للاردن بعدم جدوى المشروع الذي تبدو كلفته مجهولة الأرقام، لكنها تبلغ مليارات الدولارات ستتكبدها الاردن من أجل توليد الكهرباء من الصخر الزيتي، من محطة "العطارات”.
مؤخرا، تناولت وسائل اعلام عالمية مثل "أسوشيتد برس” عبر تقارير صحفية حكاية "العطارات”، وراح الاعلام العالمي يعري فضيحة العطارات ويكشف حقيقة الأمر.. وقصة الفضيحة يعود تاريخها ما بين عامي 2012 /2014.. فما اقدمت عليه حكومة الاردن وقتها تجاوز حد المألوف والمقبول والمعقول، وكشفت الاتفاقية (الصينية – الاردنية ) مديات الفساد والغباء في ابرام الصفقات "المشبوهة” من جانب مسؤولين أردنيين وقتها، في وقت كان فيه الصين بريء تماما من لف او دوران في هذه الفضيحة.
صفقة فاشلة بمليارات الدولارات ، في دولة (الاردن) بلغت موازنتها العامة العام الماضي 16 مليار دولار اي ما يعادل 11،4 مليار دينار اردني، تضعنا هذه الحقيقة المرة أمام سؤال كبير يحتاج إلى إجابة: من الذي أبرم الاتفاقية، ويقف خلف اتمامها مع علمه المسبق انها فاشلة ومكلفة ولا تتفق مطلقا مع مسار الاقتصاد الاردني.. ولماذا أقرت الاتفاقية ومن هو المستفيد؟ قطعا، لن يكون الاردن ولا شعبه هما المستفيدان من اتفاقية تنستزف موارد البلاد وجيوب العباد، ولا هي اتفاقية تجلب الراحة الاقتصادية للناس مطلقا.
لنا أن نتخيل حجم الفضيحة والكارثة الاقتصادية.. فتقرير "اسوشيتد برس” يشير إلى أن الاردن سيدفع مبلغ 8.4 مليار دولار للصين خلال الثلاثين سنة المقبلة بسبب محطة "العطارات” التي لم تقدم اي فائدة مالية او اقتصادية للبلاد.. ولنا أن نتخيل، ان اسعار الكهرباء في الاردن ارتفعت بنسبة 200% منذ العام 2019 بقصد تغطية كلفة توليد الكهرباء، وتغطية خسائرها ب”العطارات” وكل ذلك سيدفعه المواطن من جيبه وأثمان قوت أطفاله، ليرضي صفقة مشبوهة ويغطي على فضيحة ليس للبلد او المواطن اي ذنب فيها.
نحاول قدر الممكن أن نفهم او نتفهم طريقة عمل "الجينات الذهنية” عند مسؤولين مارسوا في وقت من الأوقات السيادة في وزاراتهم وفي مواقعهم الوظيفية المتقدمة، غير أن الإجهاض في فهم طريقة تفكيرهم تضعنا أمام حرج ، ليبقى الاحتدام بين الوطنية وغيابها مشهد مشتد في العراك ..فاتفاقية العطارات ، تعيدنا إلى اتفاقية الغاز مع الاحتلال الاسرائيلي الذي أبرم اتفاقية مع الأردن لتوريد الغاز المسروق من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الاردن مقابل مليار دولار يدفعها الاردن سنويا لإسرائيل ، أيضا بكلف عالية يتحمل اعباءها الإنسان الأردني..ما يحدث في كلا الاتفاقيتين يعد من "اللعب بالنار ” ويعكس خطورة بالغة بحق الاقتصاد الاردني.
لن نضع الصين بموازاة العلاقة مع الاحتلال الاسرائيلي ، فالاحتلال (عدو) والصين (صديق) ..فالصين ليس لها اي شروط سياسية مع اي دولة تعقد فيها اتفاقيات ..فهي التي تورد لنا المكيفات الهوائية لنتقي حر شمس حزيران ، وفي فناجينها نصب القهوة ، وبإكسسوارتها نزين منازلنا ..بالمقابل الاحتلال يمارس ضدنا القتل بالرصاص، والقتل بالدولار، وسرقة الأوطان والمقدرات.
"العطارات غيت” واحدة من مصابنا ومصائبنا، وليس لنا فيها اي يد ، فالذين ابرموا الاتفاقية ما زالوا على قيد الحياة ، ويمارسون انشطتهم بشكل اعتيادي ، فلماذا حملوا البلاد والعباد هذا الكم من الفشل الذريع، وحملوا الدولة الاردنية مديونية بمليارات اضافية تحت مسميات مشاريع إنتاجية، وهي لم تنتج سنويا نصف ما سندفعه للصين على مدى 30 سنة مقبلة..
الاردن، لم يجد امامه سوى وضع الملف أمام محاكم دولية لانصافه، علما ان الحالة الصحية في مثل هذه الجريمة الاقتصادية أن ينقاد كل الذين وقفوا خلف هذه الصفقة مكبلين بالاصفاد إلى محاكم اردنية ، واستعادة كلفة "العطارات” المشبوهة.