وسائل التواصل تضج لاستضافة ناشطة للحديث عن النسوية في الاردن

{title}

جوترند - ان بيان منظمة حقوق الإنسان "أهل” في الأردن عن نيتها استضافة سلسلة محاضرات في موضوع النسوية بإدارة القانونية وناشطة حقوق الإنسان هالة عاهد، فتح أبواب جهنم لفظياً؛ فقد ضجت الشبكات الاجتماعية، وأفرغ مئات المتصفحين غضبهم، وهب فقهاء الشريعة ضد التهديد الفظيع الذي سينزل على رؤوسهم. "النسوية كفر. يجب عزل من يؤمنون بها ويجب عدم دفنهم في مقابر المسلمين. على الرجل أن يطلق زوجته (إذا كانت تؤمن بـ "النسوية”) ويجب عدم توريثها، وعليها المشاركة في دروس حول الإسلام وإلا فستعتبر عاصية”، هذا ما كتبه أحد المتصفحين المصريين على صفحته في تويتر. وقال متصفح آخر إنه "يجب على كل رجل بمعنى الكلمة أن يمنع زوجته من المشاركة في هذه اللقاءات التبشيرية التي تريد نشر هذه العقيدة الكافرة. الله يقول إن الجمهور ينقسم إلى رجال ونساء، وهم يقولون "نوع اجتماعي”. الله يقول إن الرجال قوامون وهم يقولون إن الرجال والنساء متساوون. النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول إن المرأة لا يمكن أن تقود أمة وهم يقولون إن هذا ممكن. كل مبادئهم تتصادم مع الشريعة”.
لا يطيق المعارضون أن يتضمن نموذج التسجيل الذي طلب من النساء تعبئته من أجل المشاركة في المحاضرات، صيغة تحديد جنسهن: أنثى، ذكر أو شيء آخر. ماذا يعني "آخر”؟ العالم ينقسم إلى رجال ونساء ولا يوجد آخر، غضب المتصفحون الذين اتهموا بأن الصيغة تدل على أن المحاضرات مخصصة لتسويق فكرة المثلية وتحويلها إلى مشروعة. "هؤلاء النساء يخربن بيوتنا”، قال أحد المتصفحين. "النساء المحجبات أخطر بأضعاف من النساء اللواتي لون شعرهن أزرق، أو اللواتي يضعن قرطاً في الأنف. ليس عبثاً وهو يوجه الكلام للنساء المحجبات، لأن من يردون إنما تغضبهم حقيقة أن عهد تضع الحجاب وهي تلقي المحاضرة أو تظهر في المحاكم. امرأة محافظة تحافظ على الفروض ومحجبة لا يمكن بالطبع أن تتحدث عن النسوية.
كان يبدو أنه بعد ثورة الربيع العربي، التي أدت بدول عربية كثيرة إلى إجراء إصلاحات قانونية والدفع قدماً بمكانة المرأة، كان منهم من قرروا على الورق فقط فرض عقوبات شديدة على التحرش الجنسي. يمكن إزالة مسألة شرعية مفهوم النسوية من جدول الأعمال. في العقد الماضي، خصوصاً عقب ثورة هاشتاغ "مي تو” سعت أنظمة كثيرة إلى إخفاء الفجوة بين الأجناس من خلال مبادرات استعراضية، مثل إعطاء إذن للنساء بقيادة السيارات في السعودية، وفتح أماكن العمل والمهن المختلفة أمام النساء، وإلغاء جزئي للحاجة إلى إذن من الزوج أو القيم الرجل من أجل السفر إلى الخارج، وتعديل على قوانين الميراث. ولكن بين التشريع والمبادرات الحكومية حيث الرجل هو من يضع التشريع، وبين الممارسة الاجتماعية، فإن معظم الفجوات بقيت على حالها.
في مقال صادم نشر في شباط الماضي في موقع التحقيقات الصحافية "درج”، كشف واقعاً مخيفاً لنساء شابات في الأردن يتعرضن لسنوات إلى الإقامة الجبرية التي فرضتها عليهن عائلاتهن. لا يمكنهن الخروج من البيت بدون مرافق، ولا حتى للدراسة والتسوق، وأحياناً يؤخذ منهن الهاتف المحمول. يجب عليهن خدمة الرجال في البيت، وإذا تجرأن على التوجه إلى منظمات حقوق الإنسان فهناك احتمالية كبيرة أن يتم اعتقالهن أو إعادتهن إلى عائلاتهن. عندها قد يُقتلن بسبب المس بشرف العائلة لأنهن كشفن سلوك العائلة تجاههن.
مقال نشر في موقع "رصيف 22” في آذار الماضي، تحدث عن قسم في سجن الجويدة في الأردن، الذي يستخدم كملجأ للنساء اللواتي يتعرضن للخطر. هناك هن يعشن ويربين أولادهن. وفي الرد على سؤال لماذا لا يمنعون أو يحكمون على الرجال الذين يهددون النساء، قيل للكاتب إنه من الأسهل الدفاع عن امرأة واحدة في السجن بدلاً من سجن كل الرجال في العائلة أو الحمولة.

"يوجد احتمالان، إما تطوير التفسير الديني والبحث عن أفكار متنورة أكثر في قوانين الشريعة، أو وضع النص الديني جانباً والبحث عن إطار يناسب الحقوق المدنية الموجودة في الدستور وفي الاتفاقات الدولية. ولكن لا يمكننا البقاء مع نصوص مجمدة، تعتمد على رأي فقهاء الشريعة الذين اعتقدوا بأن عقد الزواج يحول المرأة إلى ملك للزوج”، قالت عهد. ولكنها تعرف أيضاً بأنه طموح بعيد المدى وغير منطقي، لأن الدستور نفسه في معظم الدول العربية يعطي مكانة عليا للدين كمصدر للتشريع. هكذا، فإن أي نية لإعطاء حقوق أخرى للنساء ستصطدم مع التناقض الكامن في الدستور والذي يطالب برأي فقهاء الشريعة.
مرت 120 سنة تقريباً على نشر رجل علم الاجتماع والمفكر المصري قاسم أمين كتابه الثوري "تحرير المرأة”، الذي قال فيه إن "من ينظر إلى الحركات النسوية في الغرب لا يمكنه التشكيك في أن ازدهارهن قد نبع من نشاطات النساء الكبيرة، بحيث إن أي مجال مدني لا يمكن أن يقوم من دونهن. لا يوجد فرع صناعي أو تجاري أو علمي أو فني إلا وتعمل فيه المرأة بمشاركة كاملة مع الرجل”. أمين الذي توفي في عمر 42 في العام 1908 اعتبر النسوي الأول الذي رسم الطريق للحركة النسوية في مصر. من ورثنه يجدن صعوبة في تطبيق ثورته.