الفدرالي يضع الأسواق في تساؤل
هل وصلنا إلى القمة أم ليس بعد؟
على أي حال اقتربنا من ذلك وذلك يكفي!
هذا التساؤل وهذه الإجابة هو ما يدور في رأس المتداولين في أسواق الأسهم الأمريكية إلى الآن ومنذ انتهاء اجتماع الفدرالي وحديث رئيسه جيروم باول الذي أعقبه.
فقد أوضح رئيس الفدرالي بعد قرار لجنة السوق بالاحتفاظ بسعر الفائدة دون تغيير عند 5.25% الذي جاء كما كانت تُشير أغلب التوقعات أن أغلب الأعضاء كانوا مع أن مزيد من الرفع لسعر الفائدة سوف يكون مناسباً، كما لم يرى أي عضو احتمال لخفض سعر الفائدة هذا العام، فما تم القيام به من تقييد للسياسة النقدية لم يتبين أثره حتى الآن خاصةً على التضخم.
فسيتم تحديد مُعدلات الفائدة مع كل اجتماع قادم للجنة السوق دون استباقية وبناءً على ما سيرد من بيانات وهو ما يُعطي وزن نسبي أكبر للبيانات الاقتصادية لتحريك الأسواق لاسيما البيانات الدالة على التضخم، رئيس الفدرالي صرح بأنه لا يُعرف حتى الآن ماذا سيكون قرار اللجنة الشهر القادم، فمخاطر المبالغة في الرفع أو عدم الرفع بالقدر اللازم أصبحت متوازية.
كما لم يؤكد على توقف الفدرالي عن الرفع الاجتماع القادم في يوليو إن شاء الله، بل حاول أن يُبقي الباب مفتوح لاحتمال الرفع، كما تجنب القول بأن سعر الفائدة الحالي يبدو كافياً للهبوط بالتضخم لمُعدل ال 2% سنوياً وهو ما تحدث عنه بعد اجتماع الثالث من مايو الماضي للإشارة والتوجيه إلى توقف عن الرفع الاجتماع القادم وهو ما حدث بالفعل كما رأينا.
بينما أظهر التقييم الاقتصادي الصادر عن اللجنة ان قرار احتفاظها بسعر الفائدة دون تغيير هذه المرة سوف يُساعد على إعطاء الأعضاء مزيد من الوقت لإعادة تقييم الوضع من خلال مزيد من البيانات.
وهو ما جاء عن أكثر من مُحافظ من مُحافظين الفدرالي قبل الاجتماع مثل المرشح لمنصب نائب الرئيس فيليب جيفرسون الذي جاء عنه قبل الصمت الإلزامي للأعضاء قبل ذلك الاجتماع "إن توقف الفدرالي عن الرفع حالياً سيُعطيه فُرصة اكبر لرؤية وفحص مزيد من البيانات لمعرفة ما مدى الاحتياج لسياسة نقدية متشددة من أجل احتواء التضخم" وفقًا لرويترز أيضاً وهو ما اتفق معه عضو لجنة السوق ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي عن ولاية فيلادلفيا باتريك هاركر الذي قال صراحةً إنه يميل إلى دعم "التوقف" عن رفع أسعار الفائدة قبل أسبوعين من ذلك الاجتماع.
بالإضافة إلى ذلك، أكد البنك الاحتياطي الفيدرالي على أن التضخم لا يزال مرتفعًا وأنه لا يزال ملتزماً بإعادة التضخم إلى هدف 2٪ سنوياً على المدى المُتوسط كما كرر القول بأنه لايزال يبدو الطريق طويل لبلوغ هذا الهدف، جدير بالذكر أن اعتماد مُستويات أعلى للتضخم كهدف يعني عدم الحاجة لقيام الفدرالي بالمزيد من التضييق في السياسة النقدية حتى بلوغ الـ 2%.
كما صرح بأنه من الممكن ألا يتأتى مُستوى التضخم المُستهدف من السياسة النقدية دون الهبوط بالنمو الاقتصادي دون معدلاته في المُتوسط ودون تراجع أداء سوق العمل.
كما جاء عنه فيما يتعلق بظروف الائتمان أن شروطه التي أصبحت أكثر تشددًا ستدفع القطاع الأسري والشركات على الأرجح للحد من الاقتراض ما قد يُؤثر على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم، لكنه أضاف أن مدى هذا التأثير لا يزال غير مؤكد.
بينما جاء متوسط التوقعات الصادرة عن أعضاء لجنة السوق بعد اجتماعهم في الرابع عشر من هذا الشهر كالتالي:
بالنسبة لسعر الفائدة:
بلوغه 5.6% بنهاية 2023 و4.6% بالنسبة ل 2024 و3.4% في 2025 من 5.1% لعام 2023 و4.3% ل 2024 و3.1% بالنسبة لعام 2025 كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي.
كما جاء توقعهم بالنسبة للنمو:
ليُشير إلى 1% لهذا العام و1.1% ل 2024 و1.8% بالنسبة لعام 2025 من 0.4% لعام 2023 و1.2% ل 2024 و1.9% ل 2025 كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي.
وبالنسبة لمُعدل البطالة:
فقد توقع الأعضاء أن يكون بنهاية هذا العام عند 4.1% و4.5% في 2024 و4.5% بالنسبة ل 2025 من 4.5% في 2023 و4.6% في 2024 و4.6% بالنسبة ل 2025 كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي.
أما بالنسبة للتضخم:
فقد جاء مُتوسط توقع أعضاء اللجنة بالنسبة لمؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الاستهلاك كالتالي:
3.2% بنهاية 2023 و2.5% بالنسبة ل 2024 و2.1% لعام 2025 من 3.3% بنهاية 2023 و2.5% ل 2024 و2.1% بالنسبة ل 2025 كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي.
وباستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة من المؤشر جاء متوسط توقع الأعضاء كالتالي:
3.9% بنهاية 2023 و2.6% ل 2024 و2.2% في 2025 من 3.6% بنهاية 2023 و2.6% ل 2024 و2.1% بالنسبة ل 2025 كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي.
ليتضح بشكل عام استعداد الفيدرالي لرفع سعر الفائدة وبقائه كخيار لديه في حال تطلب الأمر ذلك من اجل احتواء الأسعار وأن أعضاء اللجنة لازالوا يضعون احتواء التضخم على رأس أولوياتهم.
بينما توقع الأعضاء تحسن في الأداء الاقتصادي هذا العام عما كان يتوقع الأعضاء في مارس لكن مع تراجع مُعدلات النمو لاحقاً في 2024 و2025 وارتفاع مُعدل البطالة عن المُستويات الحالية نتيجة ما تم القيام به من تشديد في السياسة النقدية في سبيل احتواء الضغوط التضخمية، لكن توقعهم لارتفاع مُعدل البطالة جاء بشكل أقل مما كان يتوقع الأعضاء في مارس الماضي.
بينما لاتزال توقعاتهم بالنسبة للتضخم باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة على ارتفاع من اجتماع لأخر، ما يُظهر استمرار تقديرهم لمخاطر ارتفاع التضخم، فرغم ما تم إنجازه حتى الآن بعد الرفع ب 5% خلال الـ 15 شهرا الماضية يظل التضخم أكبر من ضعف ما يستهدفه الفدرالي.
أما على الجانب الآخر من الأطلنطي فقد جاء عن رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاجارد خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب قرار المركزي الأوروبي المُتوقع برفع سعر الفائدة على الإيداع باليورو 25 نُقطة أساس ليُصبح 3.50% وأيضاً سعر الفائدة على إعادة التمويل ليُصبح 4% بالأمس استمرار المركزي الأوروبي في رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم الذي أصبح يدعمه بقوة ارتفاع مُستويات الأجور داخل سوق العمل.
كما أشارت لاجارد لرفع سعر الفائدة مرة اخرى اجتماع يوليو القادم بشكل واضح مع ارتفاع توقعات الأعضاء بالنسبة للتضخم ليكون عند 2.2% في 2025، بينما يستهدف المركزي الأوروبي 2% سنوياً، ما أدى لدعم اليورو أمام العملات الرئيسية ليصعد مرة أخرى للتداول بالقرب من 1.095 امام الدولار.
اتجهت مؤشرات الأسهم الأمريكية للانخفاض في البداية فور انتهاء اجتماع أعضاء اللجنة لرفع توقعه لسعر الفائدة بنهاية هذا العام ل 5.6% في المُتوسط ما يُبقي الباب مفتوح لرفع آخر بـ 25 نُقطة أساس أو كما قال رئيس الفدرالي خلال مؤتمره الصحفي الذي أوضح أيضاً ان هذه توقعات الأعضاء في الوقت الحالي وليست قرارات ما أظهر في نفس الوقت انه لا يُريد لهذه التوقعات أن تبدو وكأنها التزام يجب أن يفي به الفدرالي.
ناهيك عن أنه في المُجمل وبنظرة أبعد وجد المُتعاملين في الأسواق أن قمة رفع سعر الفائدة تبدو قريبة إن لم تكون قد جاءت بالفعل، لذلك كان ذلك مشجعا على المُخاطرة في أسواق الأسهم الأمريكية مرة أخرى.
لتعود العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية لتحقيق المكاسب منذ ذلك الحين وإلى الان حيثُ يتواجد حالياً مؤشر الداو جونز الصناعي المُستقبلي بالقرب عند 34500 النفسي، كما صعد أيضاً بمؤشر ستاندرد آند بورز 500 المُستقبلي فوق مُستوى ال 4400 النفسي حيثُ يتواجد حاليا بالقرب من 4440، كما ارتفاع الناسداك 100 المُستقبلي ليتواجد مرة أخرى فوق 15200 رغم تعرضه لجني أرباح عقب بداية الجلسة الأمريكية وقت الانتهاء من كتابة هذا التقرير.