الديون في الأردن .. عوامل متعددة وأسباب متنوعة

{title}

تُعد الديون في الأردن ظاهرة متعددة الأبعاد ينبغي فهمها بجميع تعقيداتها للوصول إلى حلول مناسبة، إذ ثمة وجهة نظر تبسط مسألة الديون وتردها إلى "أنماط الاستهلاك غير الصحية" للأفراد، حيث يتحمل الفرد فقط المسؤولية تجاه التزاماته المالية! وجهة النظر هذه قد تبدو صحيحه لكنها بالتأكيد غير كافيه في تحليل الواقع، فالعوامل متعددة ومتنوعه! وهذا تحديداً ما أشارت له الدراسة الأخيرة الصادرة عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، حيث أشارت الى البطالة المزمنة، وتدني الرواتب، وارتفاع التضخم، والأدوات المالية غير الكافية وغير المناسبة إلى جانب غياب آليات الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي الشاملة والمستقرة والقابلة للتنبؤ التي تساعد الأُسر على التأقلم مع صدمات الحياة، كعوامل مهمه تُسهم جميعها في تفسير سبب لجوء العديد من الأفراد إلى اقتراض المال لتأمين الطعام، والمسكن والعلاجات الصحية وغيرها من الاحتياجات أو المواد الأساسية.

حسب دراسة منظمة (أرض) قُدّر متوسط نسب الدين للأسرة الواحدة قد بلغ 43 %من دخل الأسرة المعيشية بنهاية العام 2019، كما تشمل أحدث التقديرات فيما يتعلق بالأشخاص المتخلّفين عن سداد ديونهم في الأردن حوالي (157367) فرداً من المطلوبين في قضايا الديون المدنية، يواجه 8.7 % منهم قضايا ديون مدنية بمبالغ تتجاوز قيمتها العشرين ألف دينار أردني، بينما تصل النسبة إلى 42 % من أولئك الذين حرروا شيكات دون رصيد حسب الدراسة.

وفقاً للتشريع الأردني، فإن التعثّر في سداد الدين سبب في سجن المدين في الاردن،كما أن التشريع الأردني يأخذ الأمر إلى أبعد من ذلك، فحسب قانون التنفيذ الأردني رقم 25 لسنة 2007 (المعدّل في 2019) قد يُحكم على الأفراد الذين لا يُسدّدون ديونهم لأي سبب كان، بما في ذلك غياب الدخل، بالحبس مدة تصل إلى 90 يوماً للدّين الواحد في العام الواحد إذا ما قدّم دائن رسمي أو غير رسمي دليلاً على التعاقد على القرض وإخطاراً للمدين المعني.

تشير التقديرات الى إزدياد عدد المُقرضين غير الرسميين أكثر من الضعف منذ عام 2017 من 13.3 % إلى 39.3 % في 2022. وبحسب الدراسة فإن الاقتراض من مصادر غير رسمية بالازدهار بين الفئات الأكثر ضعفاً وتأثراً، ما يزيد من احتمالية تعرضهم للاستغلال وسوء المعاملة.

لذلك يتطلب التعامل مع ظاهرة الديون غير المسددة في الأردن إيجاد حلول تضمن حماية المدينين والدائنين بغية تعزيز حكم القانون، والحق في التقاضي وضمان تنفيذ الأحكام القانونية مع تجنب الإضرار بالمدين أو الدائن. ويمكن تحقيق ذلك حسب توصيات دراسة منظمة (أرض) من خلال تعديل قانون العقوبات وقانون التنفيذ الأردني لاستبدال عقوبات بديلة تنسجم مع نهج حقوق الإنسان بعقوبة حبس المدين، كما يقترحه منتدى الاستراتيجيات الأردني بوقف منح التراخيص أو بعض المعاملات المدنية.

مراجعة التشريعات والسياسات المرتبطة بالإقراض والتمويل على المستوى الشخصي ومستوى مؤسسات الإقراض المرخصة بحيث تشمل المراجعة توسيع قانون المعلومات الائتمانية واستخدامه بشكل أكبر. فعادة ما يتم تمويل الديون من البنوك على اعتبار العقارات ضماناً للدين في الأردن، لذا ينبغي على الجهات الدائنة المضي قُدماً في منح الائتمان مع مراعاة الجدارة الائتمانية للعميل، وضمانات الائتمان، ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، والقدرة على سداد القرض وتنافسية المشروع. بالإضافة الى تخفيض نسبة الدفعة التي يجب على الدائن سدادها من أجل تجنب السجن من 25 % إلى 15 % كما كان منصوصاً عليها سابقاً.

إن تعزيز الآليات والأدوات المعمول بها والمتعلقة بسداد الديون لضمان تحقيق التوازن بين حقوق هذين الطرفين وواجباتهما، يتطلب التمييز بين المقترض الذي يحتال على الجهة الدائنة وذلك غير القادر على سداد ديونه. لذلك ينبغي وجود تعريفات محددة ليكون هناك نص واضح يُعرّف هذين النوعين من المدينين.

الغد