«حرب التيك توك».. تقاطع السياسة والاقتصاد

{title}

 
قرارات حاسمة وصارمة اتخذتها كل من الولايات المتحدة الامريكية وكندا والاتحاد الاوروبي مؤخرا بحظر تطبيق «التيك توك»، لدواع أمنية تتعلق بقضايا «تجسسية» وأخرى اجتماعية - بحسب الجهات الرسمية في تلك الدول -.
خلفية القضية ليست جديدة ، وهي تعيدنا قبل ذلك الى حرب «الجيل الخامس» او الـ « G5» وقضية شركة هواوي منذ 3 سنوات ..كما تعيدنا الى ما بدأه الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب من قرارات تدخل في سياق الحرب «الاقتصادية التكنولوجية» بين أكبر اقتصادين في العالم :الولايات المتحدة الامريكية ، والصين ..حيث سبق وأن حظر الرئيس ترامب في عام 2020 «تيك توك»، متهما «تيك توك «بأنه تطبيق يهدد الأمن القومي الأمريكي (ولم يدخل القرار التنفيذ)، لتعود القضية الى الواجهة من جديد بعد أن وجّه البيت الابيض مؤخرا الوكالات الفيدرالية بحظر التطبيق للسبب نفسه، وانتهجت كندا نفس الخطوة، وحظرت المفوضية الأوروبية التطبيق على أجهزتها.
ليس سرّا ما تتداوله وكالات الانباء العالمية من أخبار وتحليلات لخبراء يؤكدون بأن كل ذلك انما هو استمرار للحرب السياسية الاقتصادية بين امريكا والصين - وآخرها حرب البالون -، كما يرجع البعض أسباب معركة
«التيك توك» للحرب الحقيقية الدائرة على الارض بين روسيا واوكرانيا ، منذ بداياتها قبل عام حين تم توظيف «تيك توك» كسلاح ميداني ينقل بثّا حياّ ومباشرا ما يجري على أرض المعركة ، ويتم استغلاله من قبل الأطراف المعنية ، ليتحول «التطبيق» الى رسائل تخاطب الرأي العام ،بدلا من الانطباع السابق والسائد عن تطبيق «تيك توك» بأنه يركّز على الموضة والازياء وقضايا المجتمع.
الولايات المتحدة تقول إن تطبيق «تيك توك» يمثل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، وأن بيانات المستخدمين الأمريكيين في قبضة شركة «بايت دانس» المالكة للتطبيق وتخضع نظرياً لسيطرة الحزب الشيوعي الصيني...في حين تنفي الشركة كما الصين رسميا ذلك..ويرى خبراء أن «تيك توك» ليس التطبيق الوحيد الذي يحوز على بيانات للمستخدمين، وأن هناك شركات تكنولوجيا تقوم بجمع بيانات عن «المستخدمين»- بما فيها شركات امريكية ..كما ينظر خبراء الى القضية على أنها ضغوط تمارس على الشركة المالكة للتطبيق -وضمن حرب اقتصادية -لارغامها على بيع التطبيق!!
ما اود الاشارة اليه في المقال ليس الدخول الى التفاصيل التكنولوجية ولا حتى الخلفيات والابعاد السياسية للموضوع بقدر ما هو الاشارة الى نوع الحروب والاسلحة التي يتم استخدامها في الحاضر وتمثل سلاح المستقبل ،وهي التكنولوجيا، وتحديدا في مجالات التطبيقات والمنصات والذكاء الاصطناعي، مما يعظم من اهمية أمن المعلومات والامن السيبراني ..فأين نحن من كل ذلك؟ ولا انتظر جوابا على سؤالي بسؤال هل نحن مع الولايات المتحدة ام الصين في حرب «التيك توك»؟ بل ..أين نحن من أسلحة العصر التكنولوجية (وتيك توك واحد منها - بل من أهمّها) ذلك انه يختلف عن الكثير من منصات الوسائط الاجتماعية الأخرى مثل فيسبوك وتويتر، لأنه يجذب الشباب بشكل أساسي، كما يتيح للمستخدمين تحميل مقاطع فيديو أقصر وأسرع من أي وقت مضى، ما يمكنها من الانتشار بسهولة أكبر وفي غضون ساعات قليلة فقط.
الاردن يتعامل مع قضية تكنولوجيا المعلومات ومع التطبيقات و/ أو المنصات في اكثر من محور.. منها:
- الاول: يتعلق بالتوجه نحو «الرقمنة» من خلال ما جاء من تفاصيل في «رؤية التحديث الاقتصادي»، وكذلك في خارطة طريق تطويرالقطاع العام وصولا الى«الحكومة الالكترونية» ،ودخول مرحلة الـ «G5».
- الثاني: من خلال خطة مقدّمة من الاردن - ومن خلال وزير الاتصال الحكومي - لوزراء الاعلام العرب لمواجهة أخطار وسائل التواصل الاجتماعي والحد من الاخبار والاشاعات الهدامة واغتيال الشخصية وخطاب الكراهية.
- الثالث: جهد كبير وفعّال بمواكبة تطورات الأمن السيبراني وجهود مكافحة الجرائم الإلكترونية.
باختصار..نحن معنيون بكل ما جرى ويجري، ومن حق الاردن ان يتخذ ما يراه مناسبا له ومن جميع الزوايا سواء ما يتعلق بـ «تيك توك» أو غيرها من التطبيقات.